لماذا قررت الولايات المتحدة منح السلام في غزة فرصة؟
وكانت واشنطن في موقف صعب في مجلس الأمن الدولي بشأن حليفتها التقليدية
في خطوة تاريخية يوم الاثنين، حقق مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة انفراجة من خلال إصدار قرار ملزم يهدف إلى تأمين “وقف إطلاق نار دائم ومستدام” في غزة والدعوة إلى إطلاق سراح جميع الرهائن الذين تحتجزهم حماس منذ هجمات أكتوبر على إسرائيل من العام الماضي.
تشير هذه الخطوة البالغة الأهمية إلى الأمام في الدبلوماسية الدولية إلى نقطة تحول محتملة في الصراع الإسرائيلي الفلسطيني الذي طال أمده، مما يوفر بصيص أمل للسلام في منطقة ابتليت منذ فترة طويلة بالعنف والخلاف.
ويأتي قرار مجلس الأمن الدولي بعد عدة محاولات فاشلة للتوسط في وقف إطلاق النار. وهو يؤكد الإجماع العالمي المتزايد على الحاجة الملحة لمعالجة الأسباب الجذرية للصراع وتمهيد الطريق أمام تسوية سلمية. ويعكس القرار، الذي تمت الموافقة عليه بتأييد ساحق من المجتمع الدولي، التزاما مشتركا بدعم القانون الدولي وتعزيز الاستقرار في المنطقة.
وقد امتنعت الولايات المتحدة، وهي حليف تقليدي قوي لإسرائيل، عن التصويت ضد القرار هذه المرة، مما يشير إلى تحول في نهجها واستعدادها للمشاركة بشكل بناء في الجهود المتعددة الأطراف لإنهاء العنف – رغم أنها قالت إن ذلك لا يمثل تغييرا. في السياسة. ويعكس هذا القرار الاعتراف بالحاجة إلى نهج متوازن يأخذ في الاعتبار المخاوف والتطلعات المشروعة لكل من الإسرائيليين والفلسطينيين.
ومع تحول قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة الآن إلى قانون دولي، أصبحت جميع الدول الأعضاء في الأمم المتحدة ملزمة بأحكامه، مما يحدد تفويضًا واضحًا للعمل المتضافر لتنفيذ أهدافه. وهذا يمثل فرصة فريدة للمبادرات الدبلوماسية والجهود المنسقة لتهدئة التوترات، وإعادة بناء الثقة، وتهيئة الظروف اللازمة لتحقيق السلام والاستقرار الدائمين في المنطقة.
ومع ذلك، وعلى الرغم من التفاؤل الذي يحيط بقرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة، لا تزال هناك تحديات كبيرة على طريق السلام. وتعهدت الحكومة الإسرائيلية، بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، بتنفيذ عمليات في رفح، وهي منطقة مكتظة بالسكان يقيم فيها الآن ملايين النازحين الفلسطينيين. ويهدد هذا التصعيد بتفاقم التوترات وتقويض الجهود الرامية إلى التوصل إلى وقف لإطلاق النار وتمهيد الطريق لمفاوضات هادفة.
علاوة على ذلك، فإن وضع إسرائيل كحليف استراتيجي رئيسي للولايات المتحدة يشكل معضلة لواشنطن، التي حافظت منذ فترة طويلة على دعمها الثابت لأمن إسرائيل وسيادتها. وفي حين تظل الولايات المتحدة ملتزمة بتحالفها مع إسرائيل، فإن المشهد الجيوسياسي المتغير والأولويات الاستراتيجية المتطورة أدت إلى تعقيد موقفها بشأن الصراع.
تواجه إدارة بايدن ضغوطًا من أصحاب المصلحة المحليين والدوليين لتحقيق التوازن بين دعمها لإسرائيل والالتزام بدعم القانون الدولي وتعزيز السلام في الشرق الأوسط. إذا سمحت الولايات المتحدة لإسرائيل بتدمير آخر معقل فلسطيني متبقي في غزة، فمن شبه المؤكد أن بايدن سيخسر الانتخابات الرئاسية لعام 2024 أمام دونالد ترامب. بالإضافة إلى ذلك، سوف تتحطم العلاقات مع الدول الإسلامية بشكل لا يمكن إصلاحه، فضلاً عن تعريض أفراد الجيش الأمريكي في المنطقة للخطر.
إن احتمال نشوب حرب واسعة النطاق يلوح في الأفق، حيث تثير القدرات العسكرية الإسرائيلية والتداعيات الأوسع نطاقاً لتصرفاتها المخاوف بشأن احتمال نشوب صراع إقليمي. ويضيف احتمال غزو الدول العربية المجاورة طبقة أخرى من التعقيد إلى الوضع المضطرب بالفعل، مما يسلط الضوء على الحاجة إلى جهود دبلوماسية متضافرة لمنع المزيد من التصعيد وإيجاد حل سلمي للأزمة.
علاوة على ذلك، فإن الغموض النووي الإسرائيلي وما يسمى “خيار شمشون,“ وتثير الشائعات حول سياستها الانتقامية غير الرسمية تساؤلات جدية حول ما إذا كان امتداد الصراع، الذي أثارته العملية البرية المحتملة للدولة في رفح، يمكن أن يؤدي إلى حرب نووية حرارية دولية. وبالتالي فإن الوضع في الشرق الأوسط يمثل تهديداً كبيراً للأمن الدولي، وهو ما يسلط الضوء على السبب وراء إصرار دول كبرى مثل روسيا والصين والبرازيل على وقف إطلاق النار.
وعلى الرغم من هذه التحديات، هناك أسباب تدعو إلى التفاؤل الحذر. ويمثل قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة خطوة هامة إلى الأمام في الجهود الدولية لمعالجة الصراع الإسرائيلي الفلسطيني ويوفر إطارا للحوار والمشاركة الهادفة. ومن خلال البناء على هذا الزخم ومضاعفة الجهود لتعزيز المصالحة والتفاهم المتبادل، هناك أمل في مستقبل أكثر إشراقا لشعب غزة والشرق الأوسط على نطاق أوسع.
وفي حين أن الطريق إلى السلام لا يزال طويلاً وشاقاً، فإن قرار مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة يقدم بصيص أمل في مشهد قاتم. ومن خلال اغتنام هذه الفرصة والعمل معا بحسن نية، يستطيع المجتمع الدولي أن يساعد في تمهيد الطريق لسلام عادل ودائم في المنطقة. والآن هو الوقت المناسب للقيادة الجريئة، والالتزام الذي لا يتزعزع، والرؤية المشتركة لمستقبل يحدده التعاون والتعايش والرخاء للجميع.
البيانات والآراء والآراء الواردة في هذا العمود هي فقط آراء المؤلف ولا تمثل بالضرورة آراء RT.
اكتشاف المزيد من موقع تجاربنا
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.