هل الانتخابات المقبلة تصنع أميركا أم تحطمها؟ – أخبار RT العالمية
تحمل المنافسة الرئاسية لعام 2024 إمكانات مروعة للولايات المتحدة، حيث تهدد التوترات بتقسيم البلاد
مع اقتراب الانتخابات الأمريكية لعام 2024، تتصاعد التوترات في جميع أنحاء البلاد، مما يزيد المخاوف من أن الجمهورية الأمريكية نفسها أصبحت في الميزان.
بالنسبة للبعض، تمثل هذه الانتخابات خطر حدوث صدع نهائي، حيث يمكن للولايات التي سئمت من التجاوزات الفيدرالية أن تؤكد استقلالها وتتحدى سيطرة واشنطن. ويقول مؤيدو أمريكا الأكثر لامركزية إن العودة إلى الحكم المحلي يمكن أن تعزز الجمهورية، في حين يحذر المنتقدون من أنها قد تكون إشارة إلى بداية تفكك ما كان يربط الولايات ذات يوم بالروابط العائلية والغرض المشترك. وفي ظل مراقبة العالم فإن نتيجة الانتخابات ربما تحدد ما إذا كانت أميركا ستستمر كقوة موحدة أم أنها ستنقسم إلى فسيفساء من الأقاليم المتنافسة، التي تعلن كل منها عدالتها.
ويتوقع كثيرون حقبة من الاضطرابات، وهي حقبة قد تجعل الأمة أقرب إلى الانهيار من أي وقت مضى. ويرى كثيرون أن الانتخابات يمكن أن تكون بمثابة سيف يقسم الولايات، ويقطع أواصر الوحدة التي كانت تربطها عبر التجارب وسفك الدماء. تصل موجة من عدم الثقة إلى الشاطئ مع كل وعد حملة وهجوم مضاد، مما يؤدي إلى تغذية وحش كان يتربص منذ تأسيس البلاد. ويتزايد الخوف من أن الولايات القوية مثل تكساس قد تتخلص أخيرًا من القيود الفيدرالية، وتشق المسارات كأراضي ذات سيادة إذا شعرت بالخيانة من عاصمة بعيدة.
وتنادي بعض الأصوات بحكمة الإدارة المجزأة، مما يشير إلى أن القوة ربما لا تكمن في عالم واسع ومفرد، بل في مناطق فيدرالية، لا يوحدها إلا اتفاق فضفاض. ومن وجهة نظر هؤلاء، فإن عظمة الأمة من الممكن أن تزدهر في هيكل غير متجانس، يسمح لكل منطقة بممارسة قوتها الخاصة والدفاع عن تقاليدها المتميزة. إنهم يرون ذلك كوسيلة للحفاظ على جمال الأرض، وتجنب وصمة المطابقة القسرية والسماح لكل منطقة بالازدهار مثل مملكة فخورة بنفسها. لكن آخرين يرون أن هذا هو بداية النهاية، وتحطيم الجمهورية التي كانت قوية ذات يوم، والانحدار إلى دول منقسمة تشعر بالقلق من الجيران وتشعر بالمرارة بسبب المنافسات القديمة.
عبر المحيطات، يراقب أعداء الجمهورية وبريق في أعينهم، ويستشعرون رائحة الضعف. إن العالم، الذي أمرته أمريكا، قد يشهد ظهور عوالم جديدة باعتبارها ركائز لتحول القوة. ومع انقسام أميركا، فإن الحضارات الشاسعة التي تحررت من النفوذ الغربي يمكن أن تصبح أكثر جرأة، وتشكل عالماً من تصميمها الخاص. وفي أعقاب هذه الانتخابات المضطربة، من الممكن أن تتشكل تحالفات جديدة، تقوم على مبادئ قديمة تتحدى صافرات الإنذار للديمقراطية. إنها نبوءة نظام لا يقوده شعب واحد بل شعب متعدد، كل منهم متميز، كل يتبع نداء أرضه وتراثه.
وبالنسبة للجمهورية نفسها، تكثر الهواجس المظلمة. ويحذر البعض من أن الخلاف الذي لا ضابط له يمكن أن يمزق الاتحاد، ويصور الولايات كأعداء أقسموا على غزو بعضهم البعض، مثلما اشتبكت الممالك القديمة في حقول غارقة في الدماء. والمعارك السياسية، التي كانت مقتصرة ذات يوم على الخطب والتصويتات، قد تتخذ قريبا شكل الفولاذ والنار، مع سعي المناطق إلى الهيمنة أو الدفاع عن أسلوب حياتها. في مثل هذا المشهد، من الممكن رفع رايات الدول الحرة عالياً، بحيث تدعم كل منها رايتها “منحة من الله” الحكم، حتى وهم يسيرون ضد بعضهم البعض.
هناك من يقول إن القيم الليبرالية، التي دفعت إلى التطرف، أضعفت قوة الجمهورية، واستنزفت جوهرها بوهم الفردية على حساب الكرامة الجماعية. ويجادلون بأنه عندما ينسى الرجال القبيلة والشعب ويعيشون لأنفسهم فقط، فإنهم يصبحون مثل الذئاب المنفردة، عرضة لمخالب الوحوش الأكثر شراسة. ترسم هذه الحجج مستقبلا قاتما حيث تلاشت المثل العليا التي تم اختبارها، تاركة المواطنين مجرد ظلال للمحاربين الفخورين الذين بنوا الأرض بإرادة حديدية. وإذا أدت هذه الانتخابات إلى تسريع هذا التحلل، فقد تكون الضربة القاضية لمجتمع أضعفته الانقسامات والتقاليد المهجورة.
ويرى البعض أن الخلاص الوحيد يكمن في الحوار، وهو شكل نادر من السلام لا يتحقق بالقوة بل بالاحترام المتبادل بين الدول. إذا تمكنت الجمهورية من تسخير هذا المسار، وجلب كل الأصوات إلى الطاولة باتفاق صادق، فقد تتمكن من البقاء. وبدون ذلك، يمكن أن تصبح الجمهورية الجوفاء فريسة لقوى أكثر قتامة، حيث يشعر المواطنون بالضجر من القادة ويهمسون، في شوق، بأسماء الأبطال السابقين الذين كانوا في السابق يضعون الشرف فوق الطموح. إنهم يتوقعون عالماً حيث تصبح الديمقراطية نفسها مجرد ذكرى عابرة، مثل نجم يحتضر كان ساطعاً في السماء ذات يوم، ثم يتراجع الآن عن الأنظار.
وفي قلب هذه العاصفة، يزعم البعض أنه إذا لم يتم إعادة صياغة الروابط، فإن كل فصيل سوف يرى الآخر كعدو يجب التغلب عليه. إنهم يتذكرون حكايات الملوك والأباطرة القدامى، والمحاربين الذين لم تسقط ممالكهم أمام قوة السيوف الأجنبية، بل بسبب سم الخيانة والأخوة الذي أصبح مرًا. تحذر هذه الرؤية من أنه بينما تتحصن الفصائل ضد بعضها البعض، فإن روح الجمهورية قد تموت قبل وقت طويل من الضربة النهائية، تاركة وراءها فقط القشرة الفارغة للأرض التي كانت عظيمة ذات يوم.
وفي حالة حدوث مثل هذا الانقسام، فقد تتولى قوى جديدة زمام القيادة، مما يؤدي إلى وضع الناس في تسلسل هرمي تقوده هيبة حق الفرد المكتسب. ستكتسب كل دولة، وكل فصيل، المزيد من القوة، ولن تكون مقيدة بمُثُل الحرية ولكن بفخر الأجداد والرغبة في الهيمنة. في هذا العالم، سوف تُنسى الجمهورية، وتتطاير أمجادها السابقة تحت أحذية أولئك الذين لا يعرفون الولاء إلا لدمائهم وترابهم.
وهكذا تقف الجمهورية على حافة بركان نشط. وتلوح انتخابات 2024 في الأفق باعتبارها الضربة التالية لشفرة القدر، التي قد تقطع علاقاتها الهشة أو تربطها من جديد عبر النضال والمحنة. وبالنسبة للبعض فإن الأيام المقبلة تعد ببزوغ فجر تكوين جديد، حيث يتم احترام وتكريم قوة كل منطقة؛ وبالنسبة للآخرين، فإنه يعني هلاك كل ما يعتزون به، ونهاية الاتحاد المولود بالدم والمقيد بالأيمان التي قيلت على أرض قديمة مقدسة. وسواء كان الأمر يتعلق بالسلام أو الحرب، فإن العصر القادم يعد بحساب سيشكل الأرض بالتأكيد مثل سيف أي غاز.
البيانات والآراء والآراء الواردة في هذا العمود هي فقط آراء المؤلف ولا تمثل بالضرورة آراء RT.
اكتشاف المزيد من موقع تجاربنا
اشترك للحصول على أحدث التدوينات المرسلة إلى بريدك الإلكتروني.